الحياة بعد المجاعة

الحياة بعد المجاعة

السياق

يصل العديد من اللاجئين الجدد من غزة والسودان إلى أستراليا بعد أن عانوا من صعوبات شديدة. كثيرون قد عانوا من الجوع لعدة أشهر أو سنوات. لهذه التجربة تأثير كبير على صحتك الجسدية والعقلية.

  • ما يمر به الجسم أثناء الجوع: يقوم الجسم باستخدام الدهون المخزنة أولاً، ثم كتلة العضلات، ويقلل من الأيض، ويغير من توازن الهرمونات (بما في ذلك تلك التي تتحكم في النمو، التكاثر، الغدة الدرقية، إلخ). تساعد هذه التغييرات على البقاء على قيد الحياة في المدى القصير ولكنها تسبب ضرراً كبيراً إذا استمرت لفترة طويلة.
  • العواقب الصحية الجسدية والنفسية: إلى جانب المشاكل الجسدية (الضعف، تغيرات في معدل ضربات القلب، تثبيط المناعة)، غالباً ما تسبب المجاعة الصدمة، الفقدان، الحزن، القلق، والخوف. يجب أن يشمل الشفاء الكامل كلاً من الجسد والعقل.

ستركز هذه المقالة على التعافي الجسدي من تجربة المجاعة.

إعادة تغذية جسمك: الآثار القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل عندما يتعرض جسمك لنقص حاد في التغذية، يجب أن يتم إعادة تغذيته (إعطاء الطعام مرة أخرى) بحذر، ويجب متابعة ذلك مع أخصائية الرعاية الصحية على مدى أسابيع أو شهور، وحتى سنوات بعد التجربة.

الإطار الزمنيما يجب مراقبتهماذا تفعلين / اطلبي المساعدة
على المدى القصير (الأيام القليلة الأولى بعد الأكل)إذا لم يتناول شخص ما الطعام بشكل صحيح لفترة طويلة، فإن تناول كمية كبيرة فجأة يمكن أن يسبب تغييرات خطيرة في أملاح وسوائل الجسم. يُطلق على هذا اسم متلازمة إعادة التغذية، ويمكن أن تكون مهددة للحياة. ليس الجميع معرضين لهذا الخطر.
تعتبر نسبة الخطورة أعلى بالنسبة لـ: الأطفال، النساء الحوامل أو المرضعات، الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية موجودة مسبقًا مثل أمراض القلب أو أمراض الكلى.
إذا تناولت الطعام لأول مرة بعد فترة طويلة من الجوع، يجب أن يتم ذلك باستخدام طعام طبي خاص في بيئة المستشفى. يجب أن تحصلي أيضاً على الفيتامينات بما في ذلك فيتامين الثيامين. قد يشكل خطورة على الحياة إذا لم يتم القيام به بشكل صحيح . يجب عليك رؤية الطبيبة فوراً إذا فقدت أكثر من 10% من وزنك، أو لم تتناولي طعاما كافياً لمدة 7 أيام، أو كنت تعانين من القيء أو الإسهال .
متوسط الأجل (أسابيع إلى شهور)إن مخزونات الجسم من الحديد، فيتامين ب12، الفولات، الكالسيوم، وفيتامين د  قد تكون منخفضة جدًا. كما وتصبح حالات فقر الدم، التعب، مشاكل الجهاز المناعي، وسوء التئام الجروح شائعة. تبدأ صحة العظام بالتأثر سلبياً . وقد يحدث توقف في الدورة الشهرية.راجعي طبيبةً من أجل الترتيب لإجراء فحوصات الدم.
تناولي نظامًا غذائيًا متوازنًا: الكثير من البروتين (اللحم، السمك، البقوليات)، الخضروات، الفواكه، منتجات الألبان أو بدائلها، الحبوب الكاملة.
حاولي استعادة الوزن ببطء  
راقبي ما إذا كانت الدورة الشهرية منتظمة. تناولي الفيتامينات بتوجيه طبي، مثل الثيامين والفيتامينات المتعددة.
الأثر طويل الأمد (من شهور إلى سنوات)غالبًا ما تتأثر صحة العظام بالنسبة لبعض النساء، قد يستغرق الأمر أكثر من عام لعودة الدورة الشهرية، مما يؤثر على الخصوبة. قد تستمر مشكلة انخفاض الحديد، فيتامين ب12، وحمض الفوليك  وغيرها من المشاكل  لفترة من الوقت.الزيارات المنتظمة للطبيبة العامة
خطة غذائية من أخصائية التغذية
فحص كثافة العظام (DEXA)، خاصة للنساء أو كبار السن.
استمري في اتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم (منتجات الألبان أو البدائل المدعمة)، وفيتامين د (ضوء الشمس / النظام الغذائي / المكملات الموصى بها)، والبروتين، ونشاطات تحمل الوزن الذاتي(المشي، التمارين الخفيفة).
راقبي الأعراض الجديدة (مثل آلام العظام، الكسور، التعب المستمر) واطلبي مراجعة طبية.
عودة الدورة الشهرية هي علامة على الصحة الهرمونية؛ إذا لم تستأنف الدورة الشهرية، يجب استشارة طبيب عام أو طبيب نسائي.

أخصائيات الصحة اللاتي يمكنهن تقديم الدعم

غالبًا ما يتطلب التعافي الكامل فريقًا من أخصائيات الصحة. إليكِ قائمة ببعض الاختصاصيات اللاتي يمكنهن المساعدة:

  • الطبيبة العامة (GP): في أستراليا، تعتبر “طبيبة العائلة” هي الشخص الأول الذي تتواصلين معه وهي الشخص الذي ستنسق جميع إحالاتك إلى الأطباء الآخرين. قد يطلب منك إجراء اختبارات دم، وفحوصات (مثل فحص العظام) وقد تستمر طبيبة العائلة في مراقبة صحتك على مدى سنوات.
  • أخصائية الحمية/ أخصائية تغذية: خبيرة في تحديد ما يلزم تناوله من الطعام وكيفية الأكل بشكل مفيد وسليم. يمكن أن تساعد في خطط الوجبات التي تناسبك. تضمن حصولك على كمية كافية من البروتينات والفيتامينات والمعادن
  • أخصائية الغدد الصماء: وهي من تقوم بتقييم وعلاج المشاكل الهرمونية (مثل الغدة الدرقية)، في حال وجودها.
  • طبيبة نسائية: للنساء اللواتي يعانين من اضطرابات في الدورة الشهرية، أو قضايا تتعلق بالخصوبة، أو مشاكل في الجهاز التناسلي. يمكنهم التحقيق في الأسباب الطبية غير الظاهرة وتقديم الدعم من أجل الشفاء
  • الرعاية في المستشفى / قسم الطوارئ: توجهي إلى الطوارئ فورًا إذا كنت قلقةً في أي وقت كان، أو إذا تولدت لديك مخاوف مفاجئة، أو إذا كنت تعانين من أعراض مقلقة (مثل ضيق التنفس المفاجئ، الارتباك، التعب الشديد، أو معدل ضربات القلب غير الطبيعي).

بالنسبة لجميع الطبيبات اللاتي تزورينهن، من المفيد إحضار أي سجلات طبية لديك، وشرح تاريخك من التعرض للتجويع، وفقدان الوزن، والأعراض، والتغيرات الغذائية. اطلبي مترجمًا إذا وجدت صعوبة في التواصل.

التأثير على الأطفال

قد يعاني الأطفال من تأخر البلوغ، وانخفاض كثافة العظام، وقد تكون أجهزة المناعة لديهم أضعف. إن الرضع أو الأطفال أو أولئك الذين تعرضوا للتجويع في الرحم سيحتاجون إلى مراقبة دقيقة وتركيبة حليب طبية خاصة لتسهيل شفائهم.

من أجل دعم الأطفال الذين تعرضوا للمجاعة، من المهم جدًا أن تراجعي طبيبة أطفال بالإضافة إلى غيرها من المتخصصين في الرعاية الصحية لمراقبة وتسهيل عملية الشفاء.

التعافي العقلي والاجتماعي

إن شفاء الجسد مرتبط بشكل عميق بتعافي العقل والاندماج مع المجتمع. يستغرق هذا وقتًا، ومن الطبيعي أن تشعري بالعديد من المشاعر المختلفة مثل الحزن، الخوف، الغضب، فقدان الهوية، الاغتراب، والأمل.

  • الصدمة الناتجة عن المجاعة والنزوح: إن العديد من الناس الذين شهدوا فقدان أحبائهم، وتعرضوا للعنف، والمرض، اضطروا للفرار. يساهم هذا في تكون القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. يمكن أن يؤثر أيضًا على النوم والشهية والتركيز. تشير الدراسات إلى ارتفاع معدلات أمراض الصحة النفسية بين اللاجئين.
  • العزلة الاجتماعية والصدمة الثقافية: إن الانتقال إلى بلد جديد يعني لغة جديدة، ثقافة مختلفة، وربما طعاماً مختلفاً، مناخاً، ومعايير اجتماعية مختلفة وكل هذا من شأنه أن يزيد من التوتر.
  • طرق لبدء الشفاء:
    1. خدمات الاستشارة / الصحة النفسية
    2. دعم الأقران والمجتمع: إن التواصل مع أشخاص من بلدك أو مع من لديهم تجارب مشابهة يمكن أن يقلل من شعورك بالعزلة. تساعد الدردشة وتناول الوجبات في المناسبات الاجتماعية وممارسة العادات والتقاليد في خلق التواصل الايجابي.
    3. الدعم العملي: إن الإلمام بطريقة عمل نظام الرعاية الصحية، واستخدام المترجمين، والحصول على الدعم المالي والسكني والاجتماعي يساعد في تقليل التوتر ويساعد من التركيز على الصحة.
    4. الممارسات العقلية والجسدية المشتركة: الراحة، النشاط البدني الخفيف عند القدرة، النوم، الممارسات الثقافية والدينية (الصلاة، التأمل، سرد القصص) أو أي شيء يمنحك الراحة.

لا تترددي في طلب المساعدة. قد يستغرق الشفاء شهورًا أو سنوات. أنت لست وحدك؛ هناك أشخاص موجودون وخدمات متوفرة تساهم في مساعدتك على شفاء جسدك وعقلك.

مصادر

1- Nutritional support and refeeding syndrome in critical illness; van Zanten, Arthur Raymond Hubert; The Lancet Respiratory Medicine, Volume 3, Issue 12, 904 – 905

Tânia Amorim, Anamil Khiyami, Tariq Latif, Pouneh K. Fazeli, Neuroendocrine adaptations to starvation, Psychoneuroendocrinology, Volume 157, 2023, 106365, ISSN 0306-4530, https://doi.org/10.1016/j.psyneuen.2023.106365.

Accessed from: https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0306453023003438

2- P Paudyal, N Purkait, J Fey, Mental health resilience among refugees and asylum seekers: a systematic review, European Journal of Public Health, Volume 33, Issue Supplement_2, October 2023, ckad160.1628, https://doi.org/10.1093/eurpub/ckad160.1628

https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/refugee-and-migrant-mental-health

Scroll to Top