زواج الأطفال: التوعية بآثاره الضارة وكيف يمكننا تقديم المساعدة

يعد زواج الأطفال ممارسةً ضارةً للغاية تؤثر على حياة ملايين الأطفال حول العالم، بما في ذلك الأطفال في أستراليا.

ينتشر زواج الأطفال بشكلٍ خاصٍ في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، جنوب شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية. ومع الأسف، فإن هناك ازدياداً في حالات زواج الأطفال في العالم العربي، ففي دول مثل العراق والسودان ومصر يتم تزويج واحدة من بين كل ثلاث فتيات قبل بلوغهن سن ال18، مما يجعلهن عرضة لأنواع الأذى المختلفة مثل الأذى الجسدي، النفسي والاجتماعي.  

تعريف زواج الأطفال

إن زواج الأطفال هو أي زواج مسجلٍ بقيودٍ رسميةٍ أو حتى مجرد اقترانٍ بشكلٍ غير رسمي يكون فيه أحد الطرفين أو كلاهما تحت سن ال18.  تنتهك هذه الممارسة مجموعة أساسيةً من حقوق الإنسان مثل الحق في حياةٍ صحيةٍ، الحق في التعلم، والحق في الحماية من الاستغلال.

يعد زواج الأطفال ممارسةً غير قانونيةٍ حسب القانون الدولي.


أثر زواج الأطفال على الفتيات

تتأثر الفتيات بنسبة أعلى في مشكلة زواج الأطفال، ويتحملن العبء الأكبر من آثاره المؤذية. تمتد نتائج زواج الأطفال على نطاقٍ واسعٍ بحيث تؤثر على الصحة العقلية، التعليم، الصحة الجسدية والاستقرار المالي. تتضمن هذه الآثار:

  • غياب التعليم وضياع الفرص المستقبلية: غالباً ما تجبر الفتيات اللاتي يتزوجن مبكراً على ترك المدرسة، مما يحد من تحصيلهن التعليمي وفرصهن المستقبلية. إن نقص التعليم يحد من قدرتهن على الحصول على فرص عمل جيدة، مما يجعلهن أكثر عرضة للفقر، والوقوع في حلقة مفرغة من الحرمان المالي.  
  • مخاطر تتعلق بالصحة العقلية والجسدية: تعاني الزوجات اليافعات من نسبة مخاطر أعلى فيما يتعلق بالمضاعفات الصحية لحالات الحمل المبكر. إن حقيقة أن أجساد هذه الفتيات لم تصل إلى مرحلة النضوج الكامل يجعلهن عرضة أكثر لوفيات الأمومة وتعقيدات الولادة مثل الإصابة بناسور الولادة، وهي حالةٌ صحيةٌ شديدة تؤدي إلى سلس البول و يترتب عليها النبذ الاجتماعي. يضاف إلى ذلك ما يرافق الزواج المبكر من ضريبةٍ نفسيةٍ قد تؤدي إلى الاكتئاب، الانعزال، وانخفاض تقدير الذات مما يزيد من ضعف هؤلاء الفتيات.
  • زيادة احتمالية حصول عنف أسري: إن الفتيات المتزوجات أكثر عرضةً للعنف الاسري بحكم انعدام قدرتهن المالية أو الاجتماعية على ترك أزواجهن أو تقديم الشكاوى حول المواقف المسيئة التي يتعرضن لها. إن فارق القوة في الزيجات التي تتم بين فتيات صغيرات السن ورجالٍ أكبر عمراً يمكن أن تسهم في إيجاد بيئةٍ تتسم بالإيذاء النفسي مما يؤثر سلباً على نفسية الفتيات ويقلل من شعورهن بالاستقلالية. 
  • الأثر على الأجيال القادمة: غالبا ما تكون الفتيات الصغيرات أقل الماماً بموضوع الصحة الإنجابية والتخطيط الأسري، مما يؤدي إلى حدوث حالات حملٍ متقاربةٍ قد تؤثر سلباً على صحة الأم والمولود. يمتد تأثير زواج الأطفال عبر الأجيال بحيث يعاني أطفال الأمهات صغيرات السن بشكلٍ أكبر من سوء التغذية، ومن مشاكل صحيةٍ وضعفٍ في التحصيل العلمي.     

تأثير زواج الأطفال على المواليد والصغار

إن آثار زواج الأطفال لا تقتصر على الفتيات المتزوجات، اذ تمتد نحو أطفالهن أيضا.

  • مشاكل في الصحة والتطور: تزداد فرصة الولادة المبكرة وانخفاض وزن المواليد لدى الأمهات صغيرات السن مما يعرض هذه المواليد لمشاكل صحية.  كما ترتفع نسبة وفيات المواليد بين الأطفال الذين تنجبهم أمهات في سن المراهقة.
  • التطور النفسي: عادة ما يعاني الأطفال المولودون لأمهات في سن المراهقة من روابط أسريةٍ ضعيفةٍ، إذ يصعب عادةً على الوالدين المراهقين تقديم الدعم العاطفي والاجتماعي الذي يحتاجه المواليد. إن هذه الرابطة المبكرة شديدة الأهمية لضمان صحة الطفل العاطفية على المدى البعيد، تكوين تقديرهم للذات، شعورهم بالأمان، والقدرة على الصمود في الحياة. يكون الأطفال الذين لم ينشؤوا علاقةً آمنةً مع أولياء أمورهم أكثر عرضة لمشاكل مثل القلق، الاكتئاب ويجدون صعوبة في تكوين علاقة صحية في حياتهم في المستقبل.  
  • التأثير المالي والتعليمي: قد يمر أبناء الأمهات صغيرات السن في صعوباتٍ ماليةٍ نظرا لمحدودية الموارد والدعم الاجتماعي. فمع انخفاضٍ في دخل الاسرة، وانقطاعٍ التعليم لدى الأم، يعاني هؤلاء الأبناء من نقصٍ في الموارد التي تؤمن بدايةً صحيةً لحياةٍ مستقلةٍ مما يؤثر على نجاحهم وتعليمهم وعلى أية فرصٍ يمكن أن يجدوها بعد سن البلوغ.

أثر زواج الأطفال على الأولاد الذكور والرجال 

رغم أن زواج الأطفال يؤثر بشكل أكبر على الفتيات فهو يؤثر أيضاً على الأولاد الذكور الذين غالبا ما يتم تزويجهم في سنٍ مبكرٍ ولا يتمكنون من استكمال تعليمهم أو استكشاف هويتهم. قد يعاني الأولاد المتزوجون من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق وخصوصا في حال مشاهدتهم لمضاعفاتٍ صادمةٍ خلال فترة حمل وولادة زوجاتهم الصغيرات. تساهم هذه الضغوطات النفسية والمالية في زيادة احتمالية الطلاق أو الاستمرار في علاقات زواج متوترة. 

لماذا يعتبر إنهاء زواج الأطفال أمرا مهما بالنسبة لمؤسسة رحمة الطبية

نلتزم في مؤسسة رحمة بتمكين ودعم الوالدين من أجل تقديم أفضل بداية حياة ممكنة لأطفالهم. نقوم بالتركيز على التطور في مرحلة الطفولة المبكرة (ما بين سن 0 ولغاية 5 سنوات) مع اعترافنا بأن بيئةً داعمةً، مستقرةً تؤمن الحضانة اللازمة للطفل تلعب دورا حاسماً في تطوره.  لكن زواج الأطفال يعيق قدرة الأبوين على تأمين احتياجات أطفالهم ويخلق حلقة من السلبيات والمساوئ قد تمتد لعدة أجيال. يؤثر عمر الأبوين واستعدادهما ومستواهما التعليمي على قدرتهما على تأمين احتياجات أطفالهما الجسدية والعاطفية والنفسية. إننا ومن خلال عملنا على الحد من زواج الأطفال، نقوم باتخاذ كافة الخطوات اللازمة لدعم عائلات أكثر تماسكا وصحة. 

كيف يمكن التقليل من حالات زواج الأطفال؟

  • تشجيع التعليم: تشير البيانات الى ان استمرار الفتيات في التعلم هي واحدةٌ من أكثر الطرق فعاليةً في منع زواج الأطفال. يزود التعليم الفتيات الصغيرات بالمعرفة، والمهارات والفرص المستقبلية مما يجعل الزواج المبكر خياراً أقل جاذبيةٍ وأقل حدوثاً.
  • معالجة الفقر: لقد تدنت حالات زواج الأطفال في دول انخفضت فيها مستويات الفقر مثل تايوان وكوريا الجنوبية. إن الاستقرار المادي يحد من الضغوطات الاقتصادية التي تدفع بعض الاسر الى تزويج أطفالها.
  • رفع الوعي والمشاركة الاجتماعية: يمكن للبرامج التعليمية التي تعمل على رفع الوعي حول الاثار الضارة لزواج الأطفال والتي تشجع المساواة بين الجنسين أن تعزز التغيير الاجتماعي. يمكن أن يلعب قادة المجتمع ورموزه الدينية بالإضافة الى المعلمين دورا محوريا في تحول المعايير الاجتماعية نحو تقدير قيمة تعليم الأطفال ومنحهم حياةً مرفهةً.    
  • دعم الإصلاح القانوني: إن فرض قوانين تحدد السن الأدنى للزواج ب 18 عاماً، وتجرم أولئك الذين يخلون بهذا الشرط يعتبر من الخطوات الأساسية باتجاه إنهاء ممارسة زواج الأطفال. عندما تطبق هذه القوانين بصرامةٍ، فهي تقدم حماية قانونية للأطفال وتعمل كرادع لأولئك الذين يفكرون في خرقها.

الدعم المتوفر في أستراليا

إن زواج الأطفال في أستراليا غير قانونيٍّ، ويصنف التزويج القسري كجريمةٍ شبيهةٍ بالاسترقاق. تتوفر خدمات الدعم للأشخاص المعرضين لمخاطر زواج الأطفال، وتشمل هذه الخدمات:

الشرطة الفيدرالية: اذا كنت أنت او أي شخص تعرفه عرضةً لخطر التزويج القسري او زواج الأطفال قم بالاتصال مع الشرطة الفيدرالية على الرقم 37 12 13 او 131 AFP  . للحالات الطارئة اتصل مع 000.

خدمات الدعم: تقدم العديد من المنظمات مثل منظمة 1800RESPECT والمفوضية الأسترالية لحقوق الانسان المصادر والنصح لأولئك المتأثرين بالزواج القسري أو زواج الأطفال.

روابط:

  • UNICEF. Child marriage: Latest trends and future prospects [Internet]. New York: UNICEF; 2021 [cited 2024 Nov 1]. Available from: https://www.unicef.org
  • Girls Not Brides. Child marriage around the world [Internet]. London: Girls Not Brides; 2022 [cited 2024 Nov 1]. Available from: https://www.girlsnotbrides.org/
  • United Nations Human Rights Office of the High Commissioner. Universal Declaration of Human Rights [Internet]. Geneva: OHCHR; 1948 [cited 2024 Nov 1]. Available from: https://www.ohchr.org/
  • United Nations. Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women [Internet]. New York: UN Women; 1979 [cited 2024 Nov 1]. Available from: https://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/
  • United Nations Children’s Fund. Convention on the Rights of the Child [Internet]. New York: UNICEF; 1989 [cited 2024 Nov 1]. Available from: https://www.unicef.org/
  • Nour NM. Health consequences of child marriage in Africa. Emerg Infect Dis. 2006 Nov;12(11):1644–1649. doi:10.3201/eid1211.060510
  • Kidman R. Child marriage and intimate partner violence: A comparative study of 34 countries. Int J Epidemiol. 2017 Jun 1;46(2):662–75. doi:10.1093/ije/dyw225
  • Field E, Ambrus A. Early marriage, age of menarche, and female schooling attainment in Bangladesh. J Polit Econ. 2008 Oct;116(5):881–930. doi:10.1086/593333
  • Australian Federal Police. Forced marriage [Internet]. Canberra: AFP; 2024 [cited 2024 Nov 1]. Available from: https://www.afp.gov.au/

Scroll to Top